أربع عشرة وسيلة للتضليل الفنّي
أربع عشرة وسيلة للتضليل الفنّي
منذ 2010-12-03 .
الضــلال الفنـي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
الفن هو الابتكار والإبداع وبه يتم نقل المشاعر والأحاسيس إلى الناس بوسائل مختلفة وأشكال متنوعة (التمثيل، الغناء، الرسم ...).
وهو وسيلة خطيرة تقتحم علينا بيوتنا وتشاركنا تفاصيل حياتنا، وحتى أنها تتحكّم بأوقاتنا في بعض الأحيان.
والفن نعمة عظيمة ووسيلة رائعة لبناء جيلٍ مسلمٍ، ولكن التضليل الفني -أو العفن الفني كما عبر عنه الشيخ أحمد القطان- الذي يتعاظم ويربو في أحضان إحدى أكثر وسائل الإعلام انتشارًا وتأثيرًا ألا وهو (التلفاز) بما يُعرض فيه من مسلسلات وأفلام ومسرحيات وبرامج مختلفة، {مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ...} [سبأ: 33].
حوّل النعمة إلى نقمة، وبدل أن تكون وسيلة يتعبّــد بها الله أصبحت وسيلة من وسائل الشيطان، وحبلًا من حباله لنشر الفسوق والانحلال وقلة الأدب.
إننا لا نتكلم من خيال إنه من الواقع، ويستطيع الأخ القارئ أن يفتح الصحيفة -على سبيل المثال- ليقرأ تحت عنوان (أين تذهب هذا المساء؟) عناوين أفلام أو تمثيليات أو حفلات ماجنة لراقصة، وكأن الأصل فينا الفساد والانحلال، ولا تجد صحيفة أو تلفاز تدلك على محاضرة في مسجد مثلًا، تقرأ عنوان (العالم يغني!) لمَ لا يكون (العالم يصلي!).
كيف بدلنا النعمة بنقمة وما هي وسائل التضليل الفني؟
1- تشجيع الناس على النظر إلى الحرام:
وترك أمر الله تعالى بغضّ البصر، حيث اعتاد الناس على مشاهدة العري في الأفلام والمسلسلات وحتى نشرات الأخبار حيث تخرج المذيعة بأبهى زينة (وكأنها راقصة) والرجال ينظرون إليها متجاهلين قول الله تبارك وتعالى في سورة النور: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ} تقول لأحدهم: غض بصرك، يقول لك وهو قد أدمن النظر: اغسل عينيك بذاك الجمال!! ويقول أن الله جميل يحب الجمال.
عن جرير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: سألت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عن نظر الفجأة -وليس من لا يدع شاشة التلفاز وهو يحدق بالمذيعة-، قال: «اصرف بصرك» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
وقال صلى الله عليه وسلم لابن عمه علي رضي الله عنه -تحذيرًا مما يوقع في الفتنة ويورث الحسرة-: «لا تتبع النظرة النظرة».
أما سمعت قول العقلاء: من سرح ناظره أتعب خاطره، ومن كثرت لحظاته دامت حسراته وضاعت أوقاته؟
نظر العيون إلى العيون هو الذي *** جعـل الهـلاك إلى الفـؤاد سبيلا
2- تزيين الحرام وتجميله:
وذلك بطريقتين:
أ- تجميل الأسماء المحرّمة: الكفــر والأفكار الإلحادية والفسوق باتت فنًا وإبداعًا فعلى سبيل المثال يستبدلون اسم الخمر بالمشروبات الروحية، والربا بالعائد الاستثماري، والعري بالموضة والفن، حتى أصبح للعري أربع مواسم في السنة.
وأصبحت قلة الأدب (الانحلال) تسمى حرية شخصية، ونشوز المرأة عن طاعة زوجها تسمى أيضًا حرية شخصية، أما إذا تحللت المرأة وغنّت أمام الأجانب فيدعونها كوكب الشرق وسيدة الغناء العربي.
ب- تقبيح اسم الحلال: فمثلا يستبدلون اسم الأخوّة الإسلامية بالفتنة الطائفية، والشهادة في سبيل الله بالخسائر في الأرواح، والفدائي الشهيد بالانتحاري، حجاب المرأة بالخيمة والكفن.
3- تيسير الحرام وتسهيل الوقوع فيه:
فتكرار رؤية الإنسان للأفعال المحرّمة وكأنها أمرًا عاديًا، مرافقًا لنوع من الكوميديا يدفعه إلى التفكير فيها ومن ثم فعلها (الزنا، السرقة، التدخين، علاقات العشق والغرام ...).
فعلى سبيل المثال: ترى في الأفلام مشهد الممثل وهو يفتح شباك غرفته، فيرى جارته بالصدفة أمامه فينشأ بينهما قصة حب أو قصة معصية.
مثالٌ آخرٌ: ترى مشهد يتكرر كثيرًا فيه المدرس الخصوصي مع تلميذته في خلوة أو دخول أخت الطالب وهي سافرة متبرجة وكأنه أمرًا عاديًا.
4- طرح وسائل جديدة لفعل الحرام:
بعرض أساليب متعددة للسرقة وأخرى لإقامة العلاقات الغرامية وعقوق الوالدين ... إلخ.
5- غرس حب الفاحشة في النفوس:
حيث أن أمثال هؤلاء من الفنانين والفنانات يعملون على غرس الحرام في النفوس وجعل الناس يحبون فعله وقد نسوا قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: 19].
فعلى سبيل المثال: تجد المخرج يركّز بعدسة الكاميرا على ساقي الممثلة في مشهد بوليسي مثيــر، ولكن المشاهد لا يثبت في ذهنه و يعشش في ذاكرته ولا يسترجع إلا منظر الحرام.
مثالٌ آخـر: يصور الفيلم قصة حب تنتهي كالعادة بهرب الممثل والممثلة، ترى مشاهد الهرب وترى والد الممثلة يصوّره لك المخرج بصورة فظة غليظة (مع أنه هو الحق) ولكنك تتعاطف مع الممثلة وتتمنى لها النجاح في الهرب، فأنت من حيث لا تدري أحببت الحرام وشجعت الزنى.
6- إلف المعصية والاعتياد على رؤية المحرّم:
إن تكرار رؤية الأفعال المحرّمة وسماع الكلام الفاحش يولّد عند الإنسان تعوّد الرؤية والاستماع إلى ما هو محرّم، ومن تكلم ونصح؛ ينهر ولا يجد أذنًا مصغية، {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل: 56].
نحن نجد مشاهدي التلفاز على سبيل المثال قد ألفوا رؤية الممثلة وهي شبه عارية تفتح الباب لرجلٍ أجنبي أو أن يقبّلها أجنبي.
لابد هنا أن نذكّر بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه» [صحيح البخاري].
7- نشر القدوة السيّئة بين الناس:
حيث أصبح ما يسمّونهم بنجوم الفن قدوة للناس.
نشاهد مقابلات تلفزيونية كثيرة يفرد لها الوقت الكبير والساعات الطوال مع فنانٍ يجاهر بمعاصيه، ليسأل عن أكله وشربه وليعلمنا كيف نقود حياتنا فهل نسي المسلمون قدوتهم الأولى التي أخبرهم عنها ربهم تبارك وتعالى في سورة الأحزاب: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
ومن بعده صحابة رسول الله الذين رضي الله عنهم بقوله في سورة التوبة: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّـهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة: 100].
فهل نقلّد بعد ذلك من لم يرضى الله عنهم؟!
8- إلباس الحق بالباطل:
كالراقصة التي سئلت عن حكم الشرع في الرقص فكان جوابها: (الرقص عمل، والعمل عبادة. إذا فالرقص عبادة -والعياذ بالله-).
ويتحدث أحد هؤلاء النجوم عن نفسه بأنه رجل ملتزم بأوامر الله، أمّا ما قدمه من أفعال محرّمة في مسلسله هذا أو فيلمه ذاك فيكون بحجة الفــن، {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّـهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة: 85].
9- الحلول الجاهلية عند عرض المشكلات الحياتية:
كاللجوء إلى الانتحار والمخدرات وشرب الخمر ... الخ، وإبعاد العقل عن الحلول الإسلامية.
10- تضييع المعاني الإسلامية:
فمثلًا يصوّرون لنا مشهد شاب يطلب من ربه أن يتوب عليه ثم يتجه بعد ذلك مباشرة لفعل المعاصي فهم بذلك يضيّعون معنى التوبة وشروطها لدى الناس.
11- إفساد الأطفال:
حيث أنهم بتلك الأعمال التي لا ترضي الله عزّ وجل يقومون بإفساد أجيال، أمتنا بأشد الحاجة إليهم.
والإثم في ذلك يقع أيضًا على الآباء والأمهات، حيث أنهم المسؤولون أولًا وأخيرًا عن سلوك عيالهم.
ولا ننسى قول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: «كفى بالمرء إثمًا أن يضيّع من يقوت» [رواه أبو داود والنسائي].
12- تأصيل وتعميق المشكلات الاعتيادية:
فالحياة لا تخلو من مشكلات تحدث بين الزوجين أو بين الزوج وعائلة زوجته ولكنهم يحولونها من حالة اعتيادية إلى قضية عظيمة تعكّر صفو الحياة، حتى بات من المسلّم به كره أم الزوجة (الحماية) لزوج ابنتها مثلًا.
13- حب الدنيا وجحود نعم الله:
عن طريق عرض متع الدنيا وشهواتها بالبيوت الفخمة والمطاعم الفارهة التي لا يستطيع الإنسان العادي الحصول عليها، فيؤدي ذلك إلى طمع الإنسان بالمزيد وجحوده بما أنعمه الله عليه.
14- السخرية والاستهزاء بالدين ورجاله:
يصوّرون للناس رجال الدين بشكل هزلي، كما تظهر صورهم في الصحف والمجلات مخيفة أو مكتوب تحتها عبارات منفرة، أما الفنانين فيظهرون بأحلى مظهر ويعلّق عليهم أحلى تعليق.
كما يصوّرون المتديّن على أنه إنسان متعصّب ومنغلق على نفسه ومعقّد، فيشجعون بذلك الناس على السخرية منه ومن أي إنسان يسلك طريق الهدى، وقد غفلوا عن قول الحق تبارك وتعالى في سورة الحجرات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ} [الحجرات: 11].
موقف المشاهد المسلم من هذا الفن الفاسد!!
هو في قول الله تعالى: {يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ* قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَاءَكُم ۖ بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ* وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّـهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا ۚ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سبأ: 31-33]
والسؤال الذي يـطـرح نفسه الآن: هل الإسـلام يحـارب الفـن ويرفضـه جملـة؟!
والجواب: بالطبع لا، ولكن ديننا الإسلامي يحارب الفجور، والفسق، والضلال، والضياع، والإباحيـة.
فالتلفاز هو في الحقيقة نعمة أنعمها الله على عباده، ولكن بعض الجهات الغافلة الجاهلة والخبيثة المستهدفة للإسلام يجعلونه وسيلة لنشر الفساد والضلال بين الناس.
تأمل قول الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ* جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا ۖ وَبِئْسَ الْقَرَارُ* وَجَعَلُوا لِلَّـهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّوا عَن سَبِيلِهِ ۗ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ} [إبراهيم: 28-30].
مقتبسة من محاضرة للشيخ وجدي غنيم
المصدر: مقتبسة من محاضرة للشيخ وجدي غنيم
وجدي غنيم
دبلوم عالي في الدراسات الإسلامية من كلية الدراسات الإسلامية بالقاهرة
======================
الرئيسة المقالات الدعاة والشهرة
الدعاة والشهرة
منذ 2006-11-26
إخواني - أخواتي
أكرمنا الله عز وجل بهذا الدين العظيم الذي قال عنه في سورة المائدة: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً }.
وقد أمرنا الله عز وجل أن ندعوا إلى هذا الدين العظيم فقال في سورة فصلت: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }.
لا ينبغي أن يتطلع الدعاة الصادقون إلى الأجر فهم يطلبون الأجر من الله كما قال الله عز وجل في سورة هود: { يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } وكما قال الله عز وجل في سورة الشعراء: { وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ } .
- ولا ينبغي أن يتطلع الدعاة الصادقون إلى الشهرة فلا بد للدعوة من الإخلاص لله، كما قال الله في سورة الزمر: { فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ . أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } .
ولا ينبغي أن يتطلع الدعاة الصادقون إلى الشكر والثناء من الناس كما قال الله عز وجل في سورة الإنسان: { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً . إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً }.
ولكن إذا شكرهم الناس بدون تطلع إلى ذلك فلا بأس، كما في صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه؟ قال: « تلك عاجل بشرى المؤمن » رواه مسلم.
- وليحذر الدعاة الصادقون من الألفاظ الحديثة على الدعوة والتي تفسد القلوب وتكون مدخلا للشيطان إلى النفوس والعياذ بالله مثل (مشاهير الدعاة) (نجم الدعاة) (أفضل الدعاة) (كوكب الدعاة) (محبوب الجماهير) إلى آخر هذه الألفاظ التي "تنفخ" النفس البشرية خاصة إذا كانت الذات متورمة أصلا.
- مصيبة هذه الألفاظ أنها تؤدي بالداعي إلى الكبر والغطرسة والتعالي على الدعوة وعلى الدعاة وفي تصرفاته الشخصية.
أولا: على الدعوة:
1- فلا يستدل الداعي المفتون بالشهرة والنجومية بالأدلة والبراهين الشرعية التي تؤكد دعوته معتمدا على شهرته ونجوميته والله تعالى يقول في سورة الفرقان: { وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } ويقول في سورة ق: { فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ }.
2- تمييع الأحكام والقضايا الإسلامية حتى يحافظ على شهرته ونجوميته لدرجة أن أحد الدعاة ميع قضية التعدد قائلا لمن راجعه في هذا الأمر "معلش، متنساش إن 90% من الذين يستمعون إليّ من النساء".
3- التساهل في أحكام الإسلام كعدم غض البصر والجلوس أمام المذيعات والكلام بطرقة معينة حتى يحافظ على نجوميته وشهرته.
4- عدم التعرض للقضايا الهامة والبعد عن ما يغضب الحكام الظلمة والطغاه والمجرمين بعدم الكلام عن ظلمهم وإجرامهم حتى يحافظ على نجوميته ولو أدى ذلك إلى تضليل الناس وتفهيمهم الإسلام فهما خاطئا مثل من يقول لا للسياسة متجاهلا أن الإسلام دين ودولة وأنه منهج حياة، كما قال الله تعالى في سورة الأنعام: { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }، وفي سورة البقرة { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً } أي التزموا بالإسلام كله وقد ذكر الله عز وجل فرعون الملعون (كمثال للحاكم الظالم) 74 مرة في 29 سورة في القرآن.
ثانيا: على الدعاة:
1- فلا يتصل بإخوانه الدعاة إلى الله مثله ويستفيد من خبرتهم وأفكارهم وعلمهم فهو يرى أنه يتفضل عليهم بشهرته ونجوميته.
2- لا يستجيب لنصائح إخوانه الدعاة إذا نصحوه وحذروه، فهو يري نفسه أكبر من النصيحة والنبي صلي الله عليه وسلم يقول: « الدين النصيحة ».
3- لا يحترم إخوانه الذين سبقوه في الدعوة ولا يعترف بأقدميتهم في العلم والخبرة والله يقول في سورة الحشر: { وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }.
ثالثا: في تصرفاتة الشخصية:
الاشتراط على المدعوين عندما توجه إليه دعوة أن يكون الحجز له في الدرجة الأولى في الطائرة وفي جناح في الفندق وليس حجرة وأن يكون الدفع بالدولار حتى وصل الأمر بأحدهم أن يشترط التحرك داخل البلد بسيارة من طراز معين. فهو يري أنه لابد أن يتميز بهذه الشكليات والمظاهر الكاذبة ورحم الله الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عندما سئل "أنت ليه بتركب درجة ثالثة" قال: "علشان مفيش درجة رابعة". وما ذنب من لا يملك المال أن يحرم من العلم.
أنا لا أعيب أن يكون الداعي إلى الله مكرما وأن تطير به طائرة خاصة فلسنا كدعاة أقل من الذي أخذ طائرة أبيه وطار بها إلى أمريكا مثلا أو أننا أقل ممن يركبون درجة أولى، أو يقيمون في أجنحة في أفخم الفنادق فنحن مكرمون أكرم تكريم من الله بالعلم الشرعي والدعوة في سبيله، ولكن أعيب على الدعاة أن تكون هذه المظاهر شروطا للدعوة فلا ينبغي أن ننسي أننا كدعاة نجاهد في ميدان الدعوة ولكن هناك من إخواننا من يجاهدون في ميادين القتال وساحات الوغى في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وغيرهم، فهم أولى بالأموال التي تصرف على هذه المظاهر.
ورحم الله سيدنا عمر بن الخطاب عندما ذهب ليتسلم مفاتيح القدس وخاض في مخاضة الماء فعاب عليه سيدنا أبو عبيدة بن الجراح ذلك فرد عليه سيدنا عمر قائلا: "إنا كنا أذل قوم فاعزنا الله بالإسلام فلا نبتغي العزة في سواه".
أخيرا أذكر نفسي وإخواني الدعاة:
1- بتقوى الله في السر والعلانية.
2- تقوى الله في الألفاظ التي تخرج من ألسنتنا للناس.
3- عدم التعالي والتكبر على الناس.
4- إننا محاسبون اشد الحساب عما نقدمه للناس باسم الإسلام.
5- إن أناسا في الجنة يطلبون من الله أن يريهم الذين كانوا سببا في هدايتهم وأدخولهم الجنة فيجدونهم والعياذ بالله في جهنم.
6- لا نغتر بالكثرة التي تسمعنا فلن ينفعنا في الآخرة إلا عملنا الصالح وليس شهرتنا.
7- إن الناس سيعلقون في رقابنا أي تضليل أو تمييع للقضايا الشرعية لأن الدعوة أمانة وتضليل الناس خيانة.
8- إننا كدعاة مهما كرمنا في هذه الدنيا فان تكريم الله لنا أكبر وأعظم ومن تواضع لله رفعه الله.
9- إننا إذا أخطأنا علانية فلابد أن نعتذر ونرجع عن الخطأ علانية ولا نصر على الخطأ بدعوى أن الاعتذار ينقص من شهرتنا.
أسأل الله أن يبصرنا بعيوبنا وأن يقينا شر أنفسنا اللهم آمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
وجدي غنيم
Translate جاد
السبت، 12 أكتوبر 2024
كيف يكون التضليل الفني والدعاة والشهرة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
الأمانة فضيلة من أشرف الفضائل،
الأمانة منذ 2024-09-23 الأمانة فضيلة من أشرف الفضائل، والعمل بها شرف وكرامة وتقوى وصلاح، وإيمان خالص لرب العالمين، ورحمة بالخلا...
-
برامج الشيخ الألباني الجامع لتراث الشيخ الألباني : برنامج موسوعي يعتني بجمع تراث الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله-،...
-
المحتويات التشريح. 💦 معلومات عامةصنف فرعي من علم الأحياء جزء من علم الأحياء طب يمارسها عالم تشريح لديه جزء أو أجزاء zootomy (en)...
-
الاسم العلمي Arteria (الجمع: arteriae) 💦 هيكل الوريد، والذي يتكون من ثلاث طبقات رئيسية. الطبقة الخارجية نسيج ضام، يسمى الغلال...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق