وعاشروهن
بالمعروف منذ 2022-08-14 الحياة الزوجية ليست لقاءً عابرا، أو صحبةَ يوم أو يومين،
وإنما هي صحبةٌ الأصل فيها الديمومة، فهي شراكة طويلة وحياة ممتدة لسنوات في
الغالب طويلة، وإذا لم تكن هذه الحياة مطمئنة سعيدة كانت عبئا على أصحابها وباب هم
وغم ونكد... الحياة الزوجية ليست لقاءً عابرا، أو صحبةَ يوم أو يومين،
وإنما هي صحبةٌ الأصل فيها الديمومة، فهي شراكة طويلة وحياة ممتدة لسنوات في
الغالب طويلة، وإذا لم تكن هذه الحياة مطمئنة سعيدة كانت عبئا على أصحابها وباب هم
وغم ونكد، ولذلك أمر الإسلام بكل ما يلزم من أسباب السعادة والهدوء والدعة والاستئناس
بين الزوجين خاصة، وأفراد الأسرة عامة .. ومن أهم أسباب السعادة والاطمئنان ما أمر
الله تبارك وتعالى به الأزواج من حسن المعاشرة والتلطف قال تعالى:
{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: 19]. وإنما خص الله تعالى الرجال بهذا
الأمر، وإن كانت النساء أيضا مأمورات به، لأن المرأة هي الطرف الأضعف في هذه
الشراكة، وهي الأكثر احتياجا لهذا من الرجل، وأيضا لطبيعتها التكوينية والنفسية
فهي أكثر تأثرا به وتفاعلا معه، ثم للمردود الحسن لمن يحسن إليها.. إلى غير ذلك من
العواقب المحمودة لحسن العشرة. وحسن العشرة باب واسع تندرج تحته تفصيلات كثيرة، ونحن نذكر بعض
ذلك ولا يخفى عدم الحصر: ا. التلطف والمداعبة: كما كان النبي صلوات الله وسلامه عليه،
يتلطفُ مع زوجاتِه، ويُحسنُ عشرتَهنَّ، بل كانت له في ذلك لمساتٌ رقيقةٌ، فمن ذلك: . أنه كان يختارُ
لزوجتِهِ اسمَ تدليلٍ (دلع) تلطفاً وتقربا وتحببا فكان يقول لعائشة : ((يا عائش)). . وكان
يتعمَّدُ أن يشربَ أو يأكلَ منَ الموضعِ الذي شرِبَتْ زوجتُه منه أو أكلَتْ، فعن
عائشة قالت: (كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فاه
على موضع في، فيشرب.. وأتعرق العِرق، وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه
وسلم فيضع فاه على موضع في).[رواه مسلم].
ومعنى أتعرَّق العرق: "يعني آخذ اللحم من العرق
بأسناني، وهو عظم أخذ معظم اللحم منه وبقيت عليه بقية، والمراد هنا العظم الذي
عليه اللحم". والحديث فيه أَرَقُّ وأجمل وأعلى أنواع الملاطفة والمجاملة
والتودد والتحبب. فصلى الله عليه وسلم.
في الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال لسعد بن
أبي وقاص: «إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعل في
فم امرأتك». ومعنى الحديث: أنه يؤجر على ما ينفقه في نفقة زوجته.. وروى البخاري في صحيحه في "باب
لعق الأصابع ومصها قبل أن تمسح بالمنديل": عن ابن عباس أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: «إذا أكل أحدكم فلا يمسح يده حتى يَلعَقها أو يُلعِقَها». قال
الإمام النووي : "المراد إلعاقُ غيره ممن لا يتقذر ذلك من زوجة وجارية وخادم
وولد". ب ـ المسابقة والملاعبة أخرج أبو داودَ، والنسائيُّ عن أمِّ المؤمنينَ
عائشةَ رضي الله عنها قالت: خرجتُ معَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأنا خفيفةُ اللحمِ
فنزلْنَا منزلًا فقالَ لأصحابِهِ: (تَقدَّمُوا) ثمَّ قالَ لي: (تعالي حتى
أسابِقَكِ فسَابَقَنِي فَسَبقْتُهُ)، ثم خرجتُ معَه في سفرٍ آخرَ، وقد حملتُ
اللحمَ فنزلْنَا منزلًا فقالَ لأصحابِه: «تَقدَّمُوا» ثم قال لي: «تعالي أُسَابِقَكِ»
فسابَقَنِي فسَبَقَنِي فضربَ بيدِهِ كَتِفِي وقالَ: (هذهِ بتلك). ج ـ المؤانسة
والمجالسة: وذلك بأن يفرغ كل من الزوجين من وقته ليجلس مع الآخر، فيتحدثان أو يعملان عملا
مشتركا، ويستمع كل منهما للآخر، كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل مع زوجاته.. فقد روى الشيخان
من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أريتك في
المنام ثلاث ليال جاءني بك الملك في سرقة من حرير فيقول: هذه امرأتك فأكشف عن وجهك
فإذا أنت هي فأقول إن يك هذا من عند الله يمضه). ومن أشهر شيء في ذلك حديث أم زرع
الطويل الذي قصته عائشة على النبي صلى الله عليه وسلم فجلس يسمع من غير ضجر،
ويستمتع من غير ملل، حتى علق عليها في آخر الحديث ليدل على اهتمامه بسماعها
وكلامها، واستمتاعه بذلك وعدم السآمة.. فاختار أحسن الأزواج وشبه نفسه به وقال:
«كنت لك كأبي زرع لأم زرع، غير أني لا أطلق». ومنه ما روته عائشة رضي الله عنها
قالت: (لقد كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يضَعُ رأسَهُ في حِجري
وأنا حائضٌ ويقرأُ القرآنَ)(ابن ماجه).
وفي الحديثِ: حُسْنُ عِشْرةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه
وسلَّمَ، ومُراعاتُه لأحوالِ زوجاتِه، وكريم شمائله وأخلاقه. د ـ المدح والإطراء: المدح إكسير
الحياة الزوجية، والمرأة تحب أن تسمع كلام الإطراء والثناء، ويسعدها أن يتغزل بها
زوجها، وكذا الرجل، والأذن تعشق قبل العين أحيانا... وقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه
وسلم في ذلك أروع مثال: فكان يمتدح عائشة ويقول: «فضل عائشةَ على النساء ِكفضل
الثريدِ على سائر الطعام»(متفق عليه).
وروى البخاري بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً: (يا عائشُ! هذا جبريل يقرئك السلام، فقلت:
وعليه السلام ورحمة الله وبركاته...).
وسأَلَته يوما: (يا رسول الله من من أزواجك في الجنة؟
قال: «أما إنك منهن»؟ (رواه الحاكم وصححه).
وروى البيهقي في دلائل النبوة، وأبو نعيم في حلية
الأولياء عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله وكنت أغزل، قالت:
فنظرت إليه، فجعل جبينه يعرق وجعل عرقه يتولد نورا، قالت: فبَهِتُّ، فنظر إلي
فقال: ما لك بهت؟ فقلت: يا رسول الله نظرت إليك فجعل جبينك يعرق وجعل عرقك يتولد نورا،
ولو رآك أبو كبير الهذلي لعلم أنك أحق بقوله بشعره. قال: وما يقول يا عائشة أبو
كبير الهذلي؟ قلت: يقول هذين البيتين:
ومبرأٌ من كلِّ غُبَّرِ حيضـــــةٍ .. .. وفســادِ مرضعةٍ وداءٍ مُغْيِلِ وإذا
نظرتَ إلى أَسِرَّةِ وجههِ ..
.. برقَتْ كبرقِ العارضِ المتهّللِ قالت: فوضع صلى الله
عليه وسلم ما كان بيده وقام إلي وقبل ما بين عيني وقال: «جزاك الله خيرا يا عائشة
ما سررتِ مني كسروري منك»(الحلية: 2/46).
هـ ـ إظهار المحبة وإذا كان بعض الرجال يأنف أو يستحي من
ذكر ذلك، فقد كان أكرم الناس يفعله ويعلنه: جاء في الصحيح أن عمرو بن العاص أتى
النبي صلى الله عليه وسلم وسأله: (أيُّ النَّاسِ أحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ:
«عَائِشَةُ»، فَقُلتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قال «أبوها»(البخاري). وقد كان هذا مشهورا بين الصحابة رضوان
الله إليهم، حتى كانوا (يتحرون بهداياهم يوم عائشة. يبتغون بذلك مرضاة رسول
الله)(رواه مسلم). وجاءته فاطمة ابنته يوما فقالت: يا رسول الله! إن أزواجك
أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة... فقال لها رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «أي بنية! ألست تحبين ما أحب» ؟ فقالت: بلى. قال: «فأحبي هذه»(رواه مسلم). فصلوات الله
وسلامه عليه، ما مر على ظهر الأرض أفضل ولا أكرم ولا أكمل ولا أحسن معاشرة لزوجه
وأهله منه كيف لا وهو القائل: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» (رواه
الترمذي وابن ماجه). فعلى المسلمين أن يتعلموا من نبيهم ويأتسوا به {لَّقَدْ كَانَ
لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ
الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21].
نبضات قلب بين زوجين
منذ 2014-11-21
انتشر مؤخرًا الكثير من الوسائل للتعبير عن الحب وتجديده؛ كالذهاب في نزهة فخمة، أو شراء هدية فاخرة، أو ربما التجهيز لليلة لا تنسى، وهذه كلها رغم تميزها ورونقها، فإنه يصعب تحقيقها أحيانًا، والمداومة عليها؛ لما فيها من التكلفة، والتكلف، ومحاولة الخروج عن المألوف، وكثيرًا ما يكون تأثيرها وقتيًّا.
إن
الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات
أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه.
أما بعد: فالحب
ليس كلمات تُتردَّد على الألسن، بل هو أفعال ومواقف. فالحب:{باعتباره موافق 100% لقانوني الحق والميزان} بأن تطيع في المعروف :::
1. ربك ==2. ثم نبيك ثم الاولي فالاولي ثم زوجتك واولادك وكل من له حق عليك
•و هو إحسان الظن بمن تحب.
• هو التماس العذر لمن تحب.
• هو أن ترى تصرفات من تحب في المعروف أعمالًا تستحق أن تفتخر بها، حتى لو كانت تافهة.
• هو أن ترتسم اﻻبتسامة على وجهك حينما تأتي سيرة من تحب، وﻻ تجد في قلبك سوى كل حب لهم، رغم الاختلاف بينكم في الرأي والطباع والمواقف.
• هو أن تسعد لسعادة من تحب، حتى لو كان ما يسعدهم يخالف ما يسعدك.
• هو أن يظهر الحب في كلماتك حينما تتحدث عنهم، فيرى الناس محبتك لهم، فيحبونهم.
• هو
أن تكون أول مَن يدافع عنهم حينما يسيء أحد إليهم، وإن لم يكونوا موجودين، فيعلم
مَن حولك أن الإساءة إليهم هي خط أحمر، لا ينبغي لهم تعديه.
هذا هو الحب الحقيقي.
وما دون ذلك فهو حبٌ زائف، سراب.
كانت تلك خاطرة كتبتها، وأرسلتها لرفيقاتي، ثم فوجئت
بردودهن عليها حين قالوا: إن هذا النوع من الحب قد اندثر وانتهى، وربما بقي منه حب الأم
لأبنائها.
فتعجبتُ مِن كلامهن!
نعم، أدرك أن الحياة بضغوطها ومشاكلها قد تجعل المرء
ينشغل عن نفسه، وعمَّن يحب أحيانًا، لكن أن يصل الأمر إلى أن تصبح قناعة الكثيرات
أننا أصبحنا في زمن لا يوجد به حب، فهذا أمر مبالغ فيه بكل تأكيد.
وتساءلت: هل سبب وصولهن لتلك القناعة هو التباس في مفهوم
الحب نفسه؟
أم في كيفية إظهاره؟
أم في كيفية المحافظة عليه، والمداومة على إظهاره؟
فالحب:
هو ميل القلب
إلى من تحب، وهو مشاعر فطرية في قلوب جميع البشر، لكنها
تحتاج إلى تعلُّم فن إظهار الحب برِقَّة وجمال، وهذا ما لا يتقنه الكثيرون رغم
بساطته وسهولته.
فالحب:
كالوردة التي تحتاج إلى رعاية وتعهُّد، فإن اهتممت بها،
وداومت على سقايتها على قدر حاجتها، نَمَتْ وازدهرت، وإن أنت أهملتها، وغفلت عنها،
ذبلت وماتت مع مرور الوقت.
لذلك يعتبر الحب من الركائز الأساسية في نجاح الحياة الزوجية، ومنه
تتولد السكينة والمودة والرحمة.
قال تعالى:
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم:21].
كيفية إظهار الحب، والمداومة عليه:
انتشر مؤخرًا الكثير من الوسائل للتعبير عن الحب
وتجديده؛ كالذهاب في نزهة فخمة، أو شراء هدية فاخرة، أو ربما التجهيز لليلة لا
تنسى، وهذه كلها رغم تميزها ورونقها، فإنه يصعب تحقيقها أحيانًا، والمداومة عليها؛
لما فيها من التكلفة، والتكلف، ومحاولة الخروج عن المألوف، وكثيرًا ما يكون
تأثيرها وقتيًّا.
فالحب يمكن التعبير عنه بأبسط الأساليب، وفي الوقت نفسه
يكون له تأثير عميق في النفس، وأسوتنا في ذلك نبينا
الحبيب صلى الله عليه وسلم.
الحب في حياة النبي
صلى الله عليه وسلم:
رغم بساطة حياة النبي صلى الله عليه وسلم وانشغاله
الشديد، فإن حياته مع أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن تميزت بالحب الراقي البسيط
في مواقف الحياة المختلفة، التي تُعتبَر أسوة لكل الأزواج والزوجات؛ فمن تلك
المواقف على سبيل المثال لا الحصر:
1- اهتمامه بمشاعر زوجاته، وتفهمها:
فتهتم
الزوجة بمعرفة وقت
ضيق زوجها وغضبه، من خلال كلماته ونظراته، ويهتم الزوج
بالتعرف على مشاعر زوجته من خلال همساتها وحركاتها.
فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة رضي الله
عنها: "«إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت عليَّ غضبى»،
قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال:
«أما إذا كنت عني راضية؛ فإنك تقولين: لا، وربِّ محمد،
وإذا كنت غضبى، قلت: لا، وربِّ إبراهيم»، قالت: قلت: أجل،
والله يا رسول الله، ما أهجر إلا اسمك" (رواه البخاري:
[5228]).
2- تفهمه لغيرة زوجاته وتعامله معها بحكمة:
الغيرة
هي دليل حب وترابط روحي بين الزوجين، وتحتاج إلى شيءٍ من الحكمة والصبر، مع البعد
عن اللوم والعتاب والمحاسبة، كما أنها تحتاج لعناية خاصة لو صدرت من الزوج، مع
حكمة شديدة؛ لتستطيع الزوجة أن تمتص مشاعره، وتُطمئن باله.
فقد رُوِيَ أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان عند
بعض نسائه، أرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصَحْفَة فيها طعام، فضربت التي النبيُّ صلى
الله عليه وسلم في بيتها يدَ الخادم، فسقطت الصحفة، فانفلقت، فجمع النبي صلى الله
عليه وسلم فِلَقَ الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: «غارت أمُّكم»، ثم حبس الخادم حتى أُتِيَ بصحفة من عند التي هو في
بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسِرَتْ صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي
كَسَرَتْ (رواه البخاري: [5225]).
3- إظهاره محبته ووفائه لزوجاته:
إظهار
الزوجة استعدادها لتقديم كل ما من شأنه أن يسعد زوجها ويرضيه، وكذلك الزوج مع
زوجته، ومن أشهر القصص حديث أم زرع الطويل، وفي نهايته أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «كنْتُ لكِ كأَبِي زرعٍ لأمِّ زرعٍ» (رواه البخاري:
[5189]).
4- ترخيم الاسم عند مناداتها من باب التودّد والتحبّب:
فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: «يا عائشُ، هذا جبريلُ يقرئكِ السَّلامَ»،
فقلتُ: وعليه السَّلامُ ورحمة الله وبركاتُهُ (رواه البخاري: [3768]).
5- تتبُّع مواضع شرب زوجاته وأكلهن:
فيشرب الزوج من نفس الموضع الذي وضعت فيه الزوجة شفتيها
لتشرب، وتشرب الزوجة من نفس الموضع الذي وضع فيه الزوج شفتيه، ويأكل من نفس الموضع
الذي وضعت فيه أسنانها لتأكل، وتأكل هي من نفس الموضع الذي وضع فيه الزوج أسنانه.
فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
"كنتُ أشربُ وأنا حائضٌ، ثم أُنَاوِلُه النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فيَضَعُ
فاه على موضِعِ فيَّ، فيشرب، وأَتَعَرَّقُ[1] العَرْقَ وأنا حائضٌ، ثم أُنَاوِلُه
النبي صلى الله عليه وسلم، فيَضَعُ فاه على مَوضِعِ فيَّ" (رواه مسلم: [300]).
6- اهتمام عائشة رضي الله عنها بتصفيف شعر النبي صلى
الله عليه وسلم؛ تودّدًا إليه:
فملامسة شعر الزوج أو الزوجة لها عامل كبير في تجديد
مشاعر الحب والود في القلوب، خصوصًا حينما تشمل اقتراب
الزوجين؛ ليصفف أحدهما شعر الآخر.
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
"كنتُ أُرَجِّلُ رأسَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأنا حائضٌ"
(رواه البخاري: [295]).
7- نوم النبي صلى الله عليه وسلم في حجر عائشة رضي الله
عنها:
فالقرب الجسدي بين الأزواج هو من وسائل تغذية مشاعر الحب
والود والتآلف بين الزوجين. فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "أن النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم كان يَتَّكِئُ في حجري وأنا حائِضٌ، ثم يَقرَأُ
القُرآنَ" (رواه البخاري: [297]).
8- التنزّه معها، والتحدُّث إليها:
والحب لا يقتصِر على القرب الجسدي، والكلام العاطفي، بل
يشمل -أيضًا- قضاء بعض الوقت معًا؛ للتسامر في جو جميل؛ كالسير في الهواء الطلق،
أو الجلوس في الشرفة أو البلكونة، أو الجلوس على سطح المنزل في الهواء.
وروى مسلم: "أنه كان رسولُ الله صلَّى الله عليه
وسلَّمَ إذا كان بالليلِ، سار مع عائشة، يتحدّثُ معها" (رواه مسلم: [2445]).
9- التودّد لمن تحب، ومهاداة أحبابهم:
كلما كان الحب أعمق زاد التودّد، حتى بعد وفاة من تحب،
والتودّد بعد الوفاة: منه الإحسان للمقرَّبين من الزوج أو الزوجة، والسؤال عنهم
دومًا.
كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ إذا ذبح الشاة
يقول: «أرسِلوا بها إلى أصدقاءِ خديجة»
(رواه مسلم: [2435]).
10- المدح والثناء عليها:
الحب يجعلك ترى أعمال حبيبك عظيمة، حتى لو كانت أمورًا
تافهة، ويتم ترجمة ذلك من خلال المدح والثناء؛ مدح طبيخ الزوجة، ومدح مساعدة
الزوج، ومدح ترتيب الزوجة للبيت، ومدح تلبية الزوج للطلبات، وغيرها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَضْل عائشة على النساءِ كفضلِ الثريدِ
على سائرِ الطعامِ» (رواه البخاري: [3411]).
11- الفرح لفرحها:
فلكل إنسان اهتمامات تُسعِده إن حققها، وتُسعِد مَن
حوله؛ لحبهم له، وسعادتهم من أجله.
رُوي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها كانت تلعب
بالبناتِ عندَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ، قالت: "وكانت تأتيني
صواحبي، فكُنَّ ينقمعْنَ من رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ، قالت: فكان رسولُ
الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ يُسرِّبُهُنَّ إليَّ" (رواه مسلم: [2440]).
12- الإفصاح عن حبه لها:
الحب لا هو محرَّم، ولا عيب، ولا هو ضعف حتى يخفيه
الإنسان، إلا إذا خشي من العين، فمن حق الزوجة أن تُصَرِّح عن حبها لزوجها أمام
الناس، ومن حق الزوج أن يُصَرِّح بحبه
لزوجته أمام الناس.
فقد صرّح النبي صلى الله عليه وسلم عن مشاعره تجاه أم
المؤمنين خديجة رضي الله عنها بعد وفاتها قائلًا: «إني قد رُزِقْتُ حُبَّها» (رواه مسلم:
[2435]).
وقد روي أنَّ عمرو بن العاص رضي الله عنه سأل رسولَ الله
صلَّى الله عليه وسلم، فقال: أيُّ الناسِ أحَبُّ إليك؟ قال -أي: النبي-: «عائشة» (رواه البخاري:
[4358]).
13- تقبيل زوجته قبل الخروج:
فلحظات
الوداع والاستقبال اليومية إن ارتبطت بالحب، صار لها لذة وطعم خاص، وتجديد مستمر
للحب، وإعانة على ضغوط الحياة والمسؤوليات، وأبسطها هو استقبال الزوج وتوديعه
بقُبلة عفوية؛ تعبيرًا عن الحب، عند خروجه للعمل وللصلاة.
روي عن عائشة رضي الله عنها: "أنَّ النَّبي صلَّى
الله عليه وسلَّمَ قبَّلَ امرأة مِن نسائِه، ثمَّ خرجَ إلى الصَّلاة ولم
يتوضَّأْ" (صحيح: رواه أبو داود: [179]).
14- يلعب معها ويسابقها:
والحب
يحتاج كل فترة للمرح؛ لكي ينعشه ويجدده، والمرح له أشكال وألوان، فقد يكون بنثر
المياه بشكلٍ مفاجئ على الزوج أو الزوجة، وقد يكون بقذف بعض المِخدات على أحدهما
ليقوم الطرف الآخر بالرد بقذف المخدات، وقد تكون بدغدغة مفاجئة لأحد الطرفين،
والجري في الشقة في حضور الأولاد، واستمتاعهم بالمشاهدة، وقد تكون في نزهة للبر
بعيدًا عن أعين الناس، وهناك من الطرق الكثير، بشرطٍ أن تتناسب مع شخصية الزوجين،
وأن يتقبلاها بصدر رحب.
وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع رسولِ الله
صلَّى الله عليه وسلَّمَ في سفرٍ وهي جارية، قالت: "لم أَحْمِلِ اللَّحمَ،
ولم أَبْدُنْ، فقال لأصحابه: «تقدَّموا»، فتقدَّموا، ثم
قال: «تعالَيْ أُسابقكِ»، فسابقتُه،
فسبقتُه على رجلي، فلما كان بعدُ -وفي رواية: فسكت عني حتى إذا حملتُ اللحمَ،
وبَدُنْتُ، ونسيتُ- خرجتُ معه في سفرٍ، فقال لأصحابِه: «تقدَّموا»،
فتقدَّموا، ثم قال: «تَعالَيْ أسابقكِ»، ونسيتُ الذي كان،
وقد حملتُ اللحمَ، فقلتُ: كيف أُسابقُك يا رسولَ الله وأنا على هذا الحالِ؟ فقال: «لَتفْعَلِنَّ»، فسابقتُه، فسبقَني، فجعل يضحكُ، وقال: «هذه بتلكَ
السَّبقة»" (صحيح: السلسلة الصحيحة: [1/254]).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "أتيتُ رسولَ الله
صلَّى الله عليه وسلَّمَ بخَزِيرَة طَبَخْتُهَا لهُ، فقلتُ لسَوْدَة والنبيُّ
صلَّى الله عليه وسلَّمَ بيني وبينَها فقلتُ لها: كُلِي، فأَبَتْ، فقلتُ:
لتأكُلِنَّ أو لَأَلْطَخَنَّ وجهَكِ، فأَبَتْ، فوضعتُ يدي في الخَزِيرَة، فطليتُ
بها وجهَها، فضحكَ النبي صلَّى الله عليه وسلَّمَ، فوضعَ فَخِذَه لها، وقال لسَوْدَة: «الْطَخِي وجهَها»، فلَطَخَتْ وجهي، فضحكَ النبي صلَّى الله عليه
وسلَّمَ أيضًا" (حسن: السلسلة الصحيحة: [7/363]).
15- يحب ويحترم أهلها:
مما يتقرّب
به الزوجان لبعضهما البعض أن يقوم كل من الزوج والزوجة بالإحسان إلى أهل الآخر،
والصبر على سوء معاملتهم، مع احترامهم، والتودد إليهم.
روي عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه أتى إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم، وقال: أيُّ الناسِ أحَبُّ إليك؟ قال -أي: النبي-: «عائشة»، قلتُ: مِنَ الرجالِ؟ قال: «أبوها» (رواه البخاري: [4358]).
16- لا ينتقصها وقت الأزمات:
كثيرًا
ما تمر بنا مواقف حرجة شائكة بسبب الإشاعات وغيرها، وهنا وَجَبَ الصمت حتى يتقين
الزوج أو الزوجة من هذا الاتهام.
ففي حادثة الإفك رغم بشاعة ما قيل وفتنة المسلمين، فإن
النبي صلى الله عليه وسلم لم يتحدث مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ولم يلومها،
ولم يتهمها، ولم ينتقص منها، ولم يُشعرها بما حدث، منتظرًا أن يتيقن من صحة أو افتراء
ما قيل.
فعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: "فَقَدِمْنَا المَدِينَة،
فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ
أَصْحَابِ الإِفْكِ، لا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي
وَجَعِي أَنِّي لا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ
اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْه حِينَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ
رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ، فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ: «كَيْفَ تِيكُمْ؟»، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَاكَ الَّذِي يَرِيبُنِي،
وَلا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ" (رواه البخاري: [4750]).
17- يراعيهن وقت المرض:
وقت
المرض من أكثر الأوقات التي يحتاج فيها الإنسان لقرب من يحب ومساندته؛ للحصول على
الدعم النفسي والاهتمام.
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان رسولُ الله
صلَّى الله عليه وسلَّمَ إذا مرض أحدٌ من أهلِه، نفثَ عليه بالمعوِّذاتِ، فلما
مرِض مرضَه الذي مات فيه، جعلتُ أنفثُ عليه، وأمسحُه بيدِ نفسِه؛ لأنها كانت أعظمَ
بركة من يدي" (رواه مسلم: [2192]).
كل ما سبق ما هو إلا قطرة من غيث من المواقف الحياتية
الكثيرة التي تُعين على تجديد المحبة والمودة والرحمة بين الزوجين بأبسط الأساليب
والطرق.
كل ذلك مع الاستعانة بالله، وتجديد النية بأن يكون ذلك
الحب خالصًا لله عز وجل، وقربة إليه، فيتحول من متعة دنيوية إلى عبادة يؤجر عليها
الزوجان، ويتقربان بها إلى الله عز وجل، مهما كان العمل بسيطًا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرَنَّ من المعروفِ شيئًا، ولو
أن تلقَى أخاك بوجه طلْقٍ» (رواه مسلم: [2626]).
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يؤلف بين قلوب الأزواج،
ويعمر حياتهم بالحب والمودة والرحمة. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق