Translate جاد

السبت، 12 أكتوبر 2024

قيام الليل وقت لإجابة الدعاء ثم الإسلام /آداب #بيان #معرفة ثم حق المسلم علي المسلم

 

قيام الليل وقت لإجابة الدعاء منذ 8 ساعات قَالَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ» روى مسلم عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ: «إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ»[1]. روى مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْـرَةَ رضي الله عنهما، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ، نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ»[2]. معاني المفـردات: يُمْهِلُ: أي يؤخِّر. يَنْفَجِرَ: أي يطلع. روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ االصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ المحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ»[3]. ما يستفاد من الأحاديث: 1- إثبات ساعة الإجابة في كل ليلة، ويتضمن الحث على الدعاء في جميع ساعات الليل رجاء مصادفتها، وأحرى ما تكون في النصف الأخير. 2- إثبات صفة النزول لله عز وجل في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا. 3- أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم. 4- أفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل. 5- فضيلة شهر الله المحرم، وقيام الليل. [1] صحيح: رواه مسلم (757). [2] صحيح: رواه مسلم (758). [3] صحيح: رواه مسلم (1163). ____________________________________________________ الكاتب: د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني

=================================

 

 

اعلم يا أخي المسلم - هدانا الله وإياك - أن الإسلام جاء بآداب وأخلاق تكفل للمسلم والمجتمع السعادة في الدنيا والأخرة، ومن هذه الآداب: 1 - النظافة: كن نظيفًا في بيتك، وعملك، وملبسك، وجسمك، ولاسيما عند ذهابك للمسجد لأداء الصلوات، وخاصة صلاة الجمعة، فاغتسل وتطيب والبس أحسن الثِّياب. ولا تذهب بثياب وسخة، أو ذوات رائحة كريهة، ولا تطأ بساط المسجد بجورب وسخ فيه رائحة الأقدام المؤذية، فذلك يؤذي المصلّين، حيث يضع أحدهم جبهته وأنفه على البساط، فيتأذى من الرائحة التي علقت بالبساط من رائحة الجورب، وقد ينفر من الصلاة وعليك باستعمال السواك، ولا سيما عند الوضوء والصلاة، فقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم أمته عليه في أحاديث كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: «السواك مَطهرة لِلفَم، مَرضاة للرب». (صحيح رواه أحمد). واحذر أكل الثوم أو البصل قبل ذهابك للمسجد والعمل، لئلا تؤذي المصلين والجلساء برائحته، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَن أكل ثومًا أو بصلًا، فلْيَعتزِلنا، وليْعتزِلْ مسجدَنا، وليقعُد في بيته»؛ (متفق عليه). علمًا أن رائحة الدخان التي تفوح من بعض المصلّين أشد كرهًا من الثوم والبصل، وقد حرم العلماء التدخين لضرره على الجسم والمال والجيران، وهو من الخبائث التي حذر الله تعالى منها فقال: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا ضَرر ولا ضِرار»؛ (صحيح رواه أحمد). والدخان يضر الجسم، ويؤذي الجار، ويتلف المال، فاحذر شربه فهو من كبائر الذنوب. 2 - المعاملة مع الناس: (أ) أحِب للناس ما تحب لنفسك مِن الخير فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه». (متفق عليه) (ب) كن سمحًا في البيع والشراء فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «رَحِم الله عبدًا سمحًا إذا باع، سَمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا قضى، سمحًا إذا اقتضى». (رواه البخاري). (ج) خالط الناس وانصحهم واصبر على أذاهم، حتى تكون ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أفضل مِن المسلم الذي لا يخالطهم، ولا يصبر على أذاهم». (رواه الترمذي وإسناده صحيح). 3 - الإنصات وقبول الحق: اقبل الحق مِن قائله، ولو كان صغيرًا أو خصمًا، واحذر رَدَّ الحق من الناس واحتقارهم، فقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من هذا العمل فقال: «لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مِثقال ذَرةٍ مِن كِبر، قيل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حَسَنًا، ونعله حسَنة، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكِبر بطَر الحق، وغَمْطُ الناس». (رواه مسلم). [بطَر الحق: رَدُّ الحق، غمطُ الناس: احتقارهم].. 4 - الاعتراف بالخطأ: إذا أخطأت فاعترف بخطئك، واعتذر منه، فإن الاعتراف بالخطأ خير من التمادي في الباطل، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل بني آدم خطاء، وخَيرُ الخطائين التوابون»؛ (رواه الترمذي وحسنه محقق جامع الأصول). والتوابون: هم الذين يعترفون بأخطائهم، ويرجعون عنها، ويتوبون إلى الله. 5 - العدل وقول الحق: (أ) كن عادلًا ولو بين أعدائك، ولا تحملك العداوة لقوم على ظلمهم، فالله تعالى يقول: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8]. (ب) قل الحق ولو على نفسك، أو أقاربك، أو أصدقائك، فقد أمر الله تعالى بذلك فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135]. 6 - الاستسلام لأوامر الدين: استسلم لأحكام الدين وأوامره، فإن الإسلام مشتق من الاستسلام، ولا تقس أحكام الدين برأيك وعقلك، فإن العقل له حدٌّ ينتهي إليه، وكثيرًا ما يخطئ العقل، ويعجز عن تفسير جميع أمور الدين، لذلك قال علي رضي الله عنه: (لو كان الدين بالرأي لكان المسح على أسفلِ الخفّ أولى مِن المسح على أعلاه). (رواه أبو داود. وصححه محقق جامع الأصول). إن المسلم الحقيقي هو الذي ينفذ أوامر الشرع دون معرفة الأسباب التي خفيت عليه فهو كالجندي يطيع أمر قائده دون مناقشة، لأنه يعلم أن قائده أعلم منه؛ وعندما حرم الإسلام لحم الخنزير امتثل المسلمون للأمر، ولم يسألوا عن السبب وبعد مضي أربعة عشر قرنًا كشف الطب الحديث عن ضرره، وعرفنا أن الله لم يحرم شيئًا إلا لضرره. 7 - العدل في الوصية: لا تحرم أحدًا من الورثة حقه، بل ارض بما فرض الله وقسم، ولا تتأثر بالهوى والحب والميل لأحد الورثة، فتخصه بشيء دون الباقين: عن النعمان بن بشير قال: (تصَدق عَليَّ أبي ببعضِ مالِه، فقالت أمي [ (عَمرة بنت رواحه) ].: لا أرضى حتى تُشهد رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم لِيشهِدَه على صدقتي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفعلتَ هذا بولدك كلهم» ؟ قال: لا، قال: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم». (متفق عليه). وفي رواية قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا تُشهدني إذن، فإني لا أشهَد على جَور». (أخرجه مسلم والنسائي). وكم أخطأ أشخاص كتبوا أموالهم لبعض ورثتهم، فأصبح الحقد والبغض والحسد بين الورثة، وذهبوا للمحاكم، وأضاعوا أموالهم للمحامين، بسبب هذا الخطأ. 8 - حقوق الجار: احذر أذى الجار قولًا وفعلًا، فقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من أذاه فقال: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن: الذي لا يأمَن جارُه بوائقه»؛ (رواه البخاري). وقال صلى الله عليه وسلم: «مَن كَان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذ جاره»؛ (رواه البخاري). لا ترم الأوساخ في طريق الناس، ولا سيما أمام جيرانك كقشر الموز، أو البطيخ وغيرهما التي تؤذي المارة، وأعرف رجلًا كسرت رجله بسبب قشرة الموز، وبقي ستة أشهر في الفراش. حاول أن تزيل الأذى عن طريق الناس ولا سيما الجيران لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «وتُميط الأذى عن الطريق صَدقة»؛ (متفق عليه). إذا أصيب جارك بمصيبة فراع شعوره، وواسه في مصيبته، وساعده لتخفيف حزنه، ولا ترفع صوت المذياع عاليًا، ولا تسمح لأهلك وضيوفك برفع أصواتهم تأمينًا لراحة الجيران، ولا سيما إذا كان منهم المريض، والمتعب الذي يحتاج كل منهما إلى النوم والراحة. 9 - الوفاء بالوعد: إذا وعدت إنسانًا ولو طفلًا فأوف بوعدك في وقته المحدد، ويتم البيع والشراء بمجرد الاتفاق والوعد، ولا حاجة للعربون، وهو دفع شيء من المال ضمانًا للوفاء بالبيع، فالمؤمن إذا قال صدق، وإذا وعد وفَّى، وكل من أخلف بوعده، فقد اتصف بصفة المنافقين لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذبَ، وإذا وَعدَ أخلف، وإذا اؤتمِن خان»؛ (متفق عليه). 10 - آداب عيادة المريض: لقد رغب الإسلام في عيادة المريض، ولا سيما إذا كان المريض قريبًا أو جارًا، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مَرضتُ فلم تَعدني، قال: يارب كيف أعودك وأنت رَب العالمين؟ قال: أما علمتَ أن عبدي فلانًا مَرض فلم تَعده، أما علمتَ أنك لو عُدته لوجَدتني عنده»؛ (رواه مسلم). ومن آداب عيادة المريض: (أ) أن تكون الزيارة قصيرة، حتى لا تزعج المريض، فربما كان في حاجة إلى راحة أو نوم أو قضاء حاجة إلا إذا كان يأنس بك. (ب) أن لا تكثر الكلام عنده، وأن لا تطلب منه قصة مرضه. (ج) أن تُدخل إلى قلب المريض الفرح والسرور، وتزيد في أمله بالشفاء. (د) أن تقول للمريض: لا بأس عليك طهور، وأن تدعو له بالشفاء، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَن عاد مريضًا لم يحضر أجله، فقال عنده سبع مرات: أسال الله العظيمَ رَبَّ العرشِ العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله»؛ (صحيحه الحاكم ووافقه الذهبي). 11 - آداب النظر: إذا رأيت امرأة سافرة، فغُضَّ بصرك عنها، فإن العين تزني، وزنا العينين النظر إلى ما حرم الله وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يا عَلي لا تُتبع النظرةَ النظرة، فإن لكَ الأُولى، ولَيست لك الآخرة»؛ (رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني في صحيح الجامع). واعلم أن هذه النظرة لن تفيدك إلا حسرة وندامة: فإذا كنت متزوجًا، ونظرت على امرأة أجمل من زوجتك، فإن نفسك تتغير مع زوجتك، ويصيبك الهم والنزاع مع زوجتك وقد كنت قبل النظر مسرورًا راضيًا بزوجتك. وإذا كنت قبلُ أعزبًا، فإن نظرك إلى المرأة الأجنبية قد يحرك في نفسك الشهوة، وربما ساقك الشيطان إلى ارتكاب الفاحشة، لذلك أمر الله تعالى المؤمنين فقال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: 30]. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما تركتُ فِتنة بَعْدي أضَرَّ على الرجال مِن النِّساء»؛ (رواه مسلم). 12 - آداب النصيحة: لقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى النصيحة فقال: «الدين النصيحة»: قيل لِمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله، ولِأَئِمة المسلمين وعامتهم»؛ (رواه مسلم). ولكن النصيحة لها آداب يجب مراعاتها، نأخذها من المربي الكبير سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (أ) فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد مع النبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَهْ مَهْ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تُزرموه دعوه»، فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله دعاه فقال له: «إن هذه المساجد لا تصلح لشيء مِن هذا البول والقذر، إنما هي لذكر الله، والصلاة وقراءة القرآن، قال: وأمرَ رجلًا مِن القوم فجاء بدلوٍ مِن ماء، فسَنَّه عليه». [أي: صَبَّه عليه].. «لا تزرموه: لا تقطعوا بوله فتضروه».. (رواه مسلم). (ب) روى مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينما أنا أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ عطسَ رجلٌ مِن القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أُماه ما شأنكم تنظرون إليَّ؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكنني سكت، فلما صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ما نهرَني ولا ضرَبني ولا شتمَني، ثم قال: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء مِن كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن»؛ (رواه مسلم). محمد جميل زينو محمد جميل زينو عالم كبير..مدرس في مكة المكرمة. 0 0 93 مشاركة مواضيع متعلقة... التصنيف: الآداب والأخلاق أخلاق إسلامية الوسوم: #الإسلام #آداب #بيان #معرفة #تحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فإن هذا الدين عظيم قد ضمن حقوق المسلمين وأوصى بالإحسان إلى الناس وحث على فعل كل ما يؤلف بين القلوب ويدخل السرور إلى النفوس ويجبر الخواطر. والمسلمون باعتبار الحقوق قسمان: 1- من تربطك بهم قرابة أو علاقة أو مصاهرة أو مشاركة في عمل كالوالدين والزوجة والأقارب والأصهار والجار وزميل العمل والصديق والصاحب في السفر ونحو ذلك فهؤلاء لهم حقوق خاصة متأكدة تزيد على غيرهم. 2- عموم المسلمين الذين لا تربطك بهم علاقة خاصة فهؤلاء لهم حقوق عامة قد دل الشرع عليها. وقد دلت السنة الصحيحة على جملة من الحقوق العامة، ومن أشهرها وآكدها الحقوق الستة وقد خصها النبي صلى الله عليه وسلم لعظمها وأهميتها وكثرة حاجة الناس إليها وكثرة مصالحها، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حق المسلم على المسلم ست إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصحه، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه» (رواه مسلم). وهذا بيان لهذه الحقوق: (1) إلقاء السلام: يستحب للمسلم إلقاء السلام على من يعرف ومن لا يعرف من المسلمين ويجب على من سلم عليه الرد بالمثل والزيادة أفضل قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيٌّوا بِأَحسَنَ مِنهَا أَو رُدٌّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ حَسِيبًا} [النساء:86] قال الحسن البصري: "السلام تطوع والرد فريضة". وصيغة السلام المشروعة (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) فإن اقتصر على قوله السلام عليكم جاز والزيادة أفضل عن عمران بن حصين أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: السلام عليكم يا رسول الله فرد عليه ثم جلس فقال: «عشر»، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله يا رسول الله، فرد عليه ثم جلس، فقال: «عشرون»، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه، ثم جلس فقال: «ثلاثون» (رواه أبو داود والترمذي)، ولا تشرع الزيادة على ذلك وما روي في ذلك شاذ لا يصح، ويجوز التحية بغير السلام بتحية لا محذور فيها ولا يداوم عليها، ولا يجوز التحية بتحية الكفار، ولا يجوز السلام بإشارة العين أو اليد وهي تحية اليهود إلا إذا كان بعيدا فيشير بيده مع الكلام، والسنة أن يسلم الراكب على الماشي والقائم على القاعد والقليل على الكثير والصغير على الكبير، ويسن السلام إذا دخل على قوم وتسن معه المصافحة عند اللقاء والمعانقة عند القدوم من السفر ولا يشرعا عند الفراق. ويسن أيضًا السلام عند الخروج، والسنة خفض الصوت بالسلام إذا دخل على قوم نيام. ولا يجوز للرجل مصافحة المرأة الأجنبية مطلقًا ويجوز له إلقاء السلام على المرأة إذا أمنت الفتنة ولم يكن خلوة. ولا يجوز بدائة الكفار بالسلام فإن سلموا جاز الرد عليهم لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه» (رواه مسلم). (2) إجابة الدعوة: يستحب للمسلم الإجابة إذا دعاه أخوه المسلم سواء كانت المناسبة عامة أو خاصة ويتأكد ذلك في وليمة العرس وقد أوجب ذلك بعض أهل العلم فيها وهو الصحيح أما غير العرس فيستحب ولا يجب فعن ابن عمر مرفوعًا: «أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم إليها» متفق عليه وعن أبي هريرة قال: «شر الطعام طعام الوليمة تدعى لها الأغنياء وتترك الفقراء، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله» (متفق عليه). وإذا دعاه اثنان أجاب الأسبق منهما، والواجب هو الحضور في الدعوة أما الأكل فلا يجب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان صائمًا فليصل، وإن كان مفطرًا فليطعم» (رواه مسلم). ولكن يستحب له مراعاة حال من دعاه إذا كان عدم الأكل يشق عليه أكل واحتسب الأجر وإذا كان يتفهم الحال ولا يحزن لذلك حضر ودعى له ثم انصرف وكان ابن عمر يحضر الوليمة من عرس وغيره وهو صائم. ويشترط لحضور الدعوة شروط: 1- أن تخلو الدعوة من المنكر. 2- أن لا يكون مال الداعي حراماً. 3- أن تكون دعوته خاصة أما إذا دعي دعوة عامة وهي الجفلى فلا يجب. 4- أن لا يكون عنده عذر يمنعه من الحضور كمرض وشغل وخوف على أهل أو مال. 5- ألا يكون في حضوره ضرر أو مشقة عليه لكون المكان خارج البلد أو يحتاج إلى سفر. وتجوز إجابة دعوة الكافر إذا كان في ذلك مصلحة. (3) النصيحة: يستحب للمسلم أن ينصح لإخوانه المسلمين عموماً من غير طلب منهم قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه: "بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم" (متفق عليه)، ويتأكد ذلك إذا طلب منه أحد المسلمين النصيحة، والنصيحة هي إرادة الخير للمنصوح، ونصحه للمسلم أن يصدقه القول ويكونا أميناً في رأيه ولو على حساب نفسه وقريبه ويحب الخير له كما يحبه لنفسه وهو دليل على كمال الإيمان فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (متفق عليه)، والنصيحة عامة في كل شؤون الحياة في الولايات والأعمال والتجارات والمساكن والأمتعة والصداقات والعلاقات الاجتماعية وغير ذلك مما يعود على المسلم بالنفع ويحقق له المصلحة في دينه ودنياه، ومن أعظم أنواع النصح للمسلم أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وتبصيره في دينه وتحذيره من الشرور والفتن والحرص على هدايته، وللنصيحة آداب: 1- الإخلاص في النصيحة واحتساب الأجر من الله. 2- العلم بالأمر الذي ينصح فيه. 3- الرفق في نصيحة المنصوح. 4- الإسرار في النصيحة وعدم التشهير بالمنصوح. ومما ينافي النصيحة الغش والخديعة والخيانة والغدر قد نهى الشرع عن ذلك وهي ليست من أخلاق الناصحين. ولا يشرع نصح الكافر قال الإمام أحمد: "ليس على المسلم نصح الذمي وعليه نصح المسلم". (4) تشميت العاطس: يستحب للمسلم أن يشمت أخاه إذا عطس فحمد لله روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله، وليقل له أخوه يرحمكم الله، فإذا قال له يرحمك الله فليقل يهديكم الله ويصلح بالكم». وإذا لم يحمد العاطس لم يشمته عن أنس بن مالك قال: عطس عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلان فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر، فقال الذي لم يشمته: عطس فلان فشمته، وعطست أنا فلم تشمتني. قال: «إن هذا حمد الله، وإنك لم تحمد الله» (متفق عليه). وينبغي أن ينبهه إلى العمل بالسنة، وإذا عطس فوق ثلاث فلا يشمته لما روى مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن عطس فشمته، ثم إن عطس فشمته، ثم إن عطس فشمته، ثم إن عطس فقل إنك مضنوك». قال عبد الله بن أبي بكر: "لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة". ويكفي تشميت الواحد عن الجماعة كرد السلام، ويشمت قارئ القرآن ولا يجوز التشميت أثناء استماع خطبة الجمعة وكذلك إذا كان الإنسان مشغولاً بالصلاة، ولا بأس بتشميت الرجل للمرأة والمرأة للرجل إذا أمنت الفتنة، وإذا عطس الطفل الصغير دعى له بالبركة والصلاح، ونحو ذلك. ولو لم يحمد الله مثل: بارك الله فيك. يشمت الكافر بالهداية والصلاح فقد ثبت: "أنه كان اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لهم يرحمكم الله، فكان يقول يهديكم الله ويصلح بالكم" (رواه أحمد). والسنة أن يضع العاطس يده أو ثوبه أو نحوه على فمه وأن يخفض صوته لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه وخفض أو غض بها صوته" (رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح). (5) عيادة المريض: يستحب للمسلم عيادة أخيه إذا مرض سواء كان مرضه خفيفًا أو شديدًا، وقد ورد في السنة فضل عظيم للعيادة عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع» قيل: "يا رسول الله وما خرفة الجنة؟" قال: «جناها» (رواه مسلم)، وليس هناك في الشرع وقت معين للعيادة، وينبغي للعائد أن يتخير الوقت المناسب لزيارة المريض ويختلف ذلك بحسب اختلاف أحوال المرضى، ولا يعود المريض وقت نومه وراحته وحاجته من أخذ دواء وطعام، وإذا زاره جلس قليلاً ولم يثقل على المريض إلا أن يكون يستأنس بمكثه، ويسن له أن يدعو للمريض بما ورد ويقرأ عليه القرآن رجاء شفائه والتخفيف عنه، وينبغي له أن يفسح له في الأجل ويعظم رجائه بالله روي في سنن ابن ماجه: "إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في الأجل; فإنه لا يرد من قضاء الله شيئا، وإنه يطيب نفس المريض"، وإذا كان المريض في سياق الموت سن تذكيره بالشهادة برفق من غير تعنيف حتى لا يجزع ولا ينفر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله» (رواه مسلم). ويذكره بالتوبة والخروج من المظالم والوصية. وتجوز عيادة الكافر إذا رجيت مصلحة تأليفه للإسلام. (6) إتباع الجنازة: يستحب للمسلم إتباع جنازة أخيه إذا مات والسنة أن لا ينصرف حتى تدفن، وقد ورد فضل عظيم لذلك عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان» قيل: "وما القيراطان؟" قال: «مثل الجبلين العظيمين» وكان بن عمر يصلى عليها ثم ينصرف فلما بلغه حديث أبي هريرة قال: "لقد ضيعنا قراريط كثيرة" (متفق عليه)، والمشي في إتباعها أفضل من الركوب إلا أن يكون هناك مشقة أو بعد عن ابن عمر قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر يمشون أمام الجنازة" (رواه الترمذي)، والسنة للماشي أن يكون أمامها والراكب أن يكون خلفها، ومن تقدم الجنازة إلى الصلاة أو المقبرة لم يحصل له فضيلة المتابعة، والسنة الإسراع بالمشي بالجنازة وعدم التباطؤ بها لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك كما في الصحيحين، ويكره رفع الصوت بالذكر والقراءة والدعاء في اتباع الجنازة والسنة خفض الصوت والسكينة وقد أنكر ابن عمر على رجل رفع صوته بالدعاء، وَقَالَ قَيسُ بنُ عَبَّادٍ من كبار التابعين: "كَانُوا يَستَحِبٌّونَ خَفضَ الصَّوتِ عِندَ الجَنَائِزِ وَعِندَ الذِّكرِ وَعِندَ القِتَالِ"، ومن تبع الجنازة يكره له الجلوس قبل وضعها عن أعناق الرجال لما أخرج الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا اتبعتم جنازة فلا تجلسوا حتى توضع»، ويكره للنساء تشييع الجنائز لقول أم عطية رضي الله تعالى عنها: "نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا" (متفق عليه). ولا يجوز تشييع جنازة الكافر كالصلاة عليه. وبعض الناس مع حرصه على الخير والعبادة يخل كثيرًا بالقيام بهذه الحقوق ولا يراعي الآداب العامة إما لجهله بفضلها وعظم أجرها أو تكاسلاً عنها واللائق بالعبد أن يكون حريصاً على ذلك مهتمًا بحقوق إخوانه المسلمين لا يفوت فرصة ولا يترك مناسبة فرح أو حزن إلا وكان له فيها حضور ولو عظم جاهه وكثرت مسؤلياته. لما توفى النبي قال أبو بكر الصديق لعمر بن الخطاب رضي اللَّه عنهما: "انطلق بنا نزر أم أيمن، كما كان رسول اللَّه يزورها"، فلما دخلا عليها بكت. فقالا: "ما يبكيك، فما عند اللَّه خير لرسوله؟" قالت: "أَبكِي أنّ وحي السماء انقطع"، فهيَّجتهما على البكاء، فجعلت تبكي ويبكيان معها (رواه مسلم). ولاشك أن العناية بهذه الحقوق لها أثر عظيم في جمع الكلمة ونشر الألفة والمحبة وتقوية الأواصر الأخوية بين المسلمين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم» (رواه مسلم). وقد كان مجتمعنا وآباؤنا حريصون كل الحرص على القيام بهذه الحقوق إلى وقت قريب وقد قل هذا الإهتمام عند كثير من شباب اليوم والله المستعان. وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين خالد بن سعود البليهد المصدر: مجموعة مواقع مداد

حق المسلم على المسلم منذ 2022-07-14 جعل الإسلامُ للمُسْلِم حقوقًا على أخيه المُسْلِم؛ حِفاظًا على الأخوة الإيمانية، وتقويةً للتَّرابط بين المسلمين؛ فقال ﷺ: «حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ» الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد: جعل الإسلامُ للمُسْلِم حقوقًا على أخيه المُسْلِم؛ حِفاظًا على الأخوة الإيمانية، وتقويةً للتَّرابط بين المسلمين؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ» (رواه مسلم). الحقُّ الأوَّل: تُسَلِّمُ عليه إذا لَقِيتَه، وتَرُدُّ عليه السَّلامَ إذا سلَّم عليكَ؛ وإفشاءُ السَّلامِ من خَيرِ أعمالِ الإسلام، فقد سأل رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» (رواه البخاري ومسلم). ومن السُّنة إلقاءُ السَّلامِ، أمَّا ردُّه فهو واجب، ويتعيَّن الردُّ على المُسلَّم عليه، وإنْ لم يَرُدْ أَثِمَ؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86]. ومِنْ فَوائِد إفشاءِ السَّلام: تَصْفِيَةُ القلوب، وتَطْهِيرُها من الضَّغائن، وزَرْعُ المحبَّةِ والمودَّة فيها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا. أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ» (رواه مسلم). فكلُّ واحدٍ من المتلاقِيَين يدعو للآخَر بالسَّلامة من الشُّرور، وبالرَّحمة الجالِبَةِ لِكُلِّ خيرٍ، وفي حديثٍ آخَر: «أَفْشُوا السَّلاَمَ تَسْلَمُوا» حسن - رواه أحمد والبيهقي. أي: تَسْلَمُوا من كُلِّ مُوجِبٍ للفُرقَةِ والقَطِيعة، فكيف إذا انضمَّ إلى هذا بشاشَةُ الوَجْهِ، وحُسْنُ التَّرحيبِ، وجَمالُ الأخلاق. الحقُّ الثَّاني: تُجِيبُه إذا دَعَاكَ؛ ولا تتأخَّر عن الدَّعوةِ إلاَّ من عُذرٍ مُعْتَبَر. وتَنْوِي بإجابته إكرامَ أخيكَ المُسْلِمَ لِتُثَابَ عليه، فتَنْقَلِب العادةُ إلى عِبادة. ولا تُمَيِّز في إجابة الدَّعوة بين فقيرٍ وغَنِي؛ لأنَّ في عدم إجابة الفقير كَسْراً لخاطِرِه. وألاَّ يتأخَّرَ من أجل صومِه بل يَحْضُر، فإنْ كان صاحِبُه يُسرُّ بأكْلِه أفْطَرَ؛ لأنه مِنْ أحَبِّ الأعمال إلى الله تعالى، وإلاَّ دعا له بالخير؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ [أي: يدعو]، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ» (رواه مسلم). وينبغي التَأَدُّبُ بآدابِ الزِّيارة: فيحضر في الوقت المُناسِب؛ فلا يتأخَّر عليهم فيقلقهم، ولا يُعجِّل المجيء فيفاجئهم قبل الاستعداد، ويَطْرقُ البابَ بِرِفْقٍ، ويُعرِّف بنفسِه، ويَغُضُّ بصرَه، ولا يرفع صوتَه، ولا يتصدَّر المجلسَ، بل يتواضع ويقعد حيث يُجْلِسُه صاحِبُ البيت، ولا يُكْثِر التأمُّلَ فيما حوله، ولا يُحاول التَّجَسُّسَ على أهل البيت، ولا يُطِيل الزِّيارةَ دون ضرورة، ويستأذن عند انصرافه، ولا يُغادر إلاَّ أنٍ يأذَنَ له صاحِبُ البيت، ويَشْكُر صاحِبَ الضِّيافة على حُسْنِ استضافته، فمَنْ لم يشكر الناسَ لم يشكر الله. الحقُّ الثَّالث: تَنْصَحُ له إذا طَلَبَ مِنْكَ النَّصِيحةَ؛ والنَّصِيحةُ مِنْ خُلُقِ الأنبياء عليهم السلام؛ لأنهم أنْصَحُ الخَلْقِ، وأبرُّهم وأنقاهم، قال اللهُ تعالى عن نوحٍ عليه السلام أنه قال لقومِه: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ} [الأعراف: 62]. وقال عن هودٍ عليه السلام: {وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} [الأعراف: 68]. ونَبِيُّنا الكريمُ محمدٌ صلى الله عليه وسلم هو أعْظَمُ الخَلْقِ نُصْحاً، وأكثَرُهم شَفَقَةً على أُمَّتِه، ونُصْحاً لهم، وخوفاً عليهم. والنَّصِيحَةُ: هي القيام بحقوق المنصوح له مع المَحَبَّةِ الصَّادقة، قال جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه: «بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» (متفق عليه). والنَّصِيحَةُ من صِفَةُ الصَّالِحين المُصْلِحين، قال الفُضَيلُ بنُ عِياضٍ رحمه الله: (لَمْ يُدْرَكْ عِنْدَنَا مَنْ أَدْرَكَ بِكَثْرَةِ صِيَامٍ وَلَا صَلَاةٍ؛ إِنَّمَا أَدْرَكَ بِسَخَاءِ الْأَنْفُسِ، وَسَلَامَةِ الصُّدُورِ، وَالنُّصْحِ لِلْأُمَّةِ). ومِنْ أهَمِّ آداب النَّصِيحة: أنْ تكون خُفْيَةً؛ لأنها في المَلَأِ تَقْرِيعٌ، ورُبَّما لا تُجْدِي في المَنْصُوح. ويكون النَّاصِحُ صادِقاً في نصيحته، مُخْلِصًا لله في نُصْحِه، قَصْدُه الإصلاحَ؛ لا التَّعْييرَ، والشَّمَاتَةَ بالناس، والفَرَحَ بعيوبهم، ويكون عالِماً بما يَنْصَح، وإلاَّ كان ما يُفسِد أعظم مِمَّا يُصْلِح، ويَخْتَارُ الأُسلوبَ المُناسِبَ لِلنُّصْح. الحقُّ الرَّابع: تُشَمِّتُه إذا عَطَسَ وحَمِدَ اللهَ، واللهُ تعالى يُحِبُّ العُطاسَ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ اللَّهَ؛ كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ - أَنْ يَقُولَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ» (رواه البخاري). ولا يُشَمَّتْ إلاَّ مَنْ حَمِدَ اللهَ تعالى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ؛ فَشَمِّتُوهُ. فَإِنْ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ؛ فَلاَ تُشَمِّتُوهُ» (رواه مسلم). ويَشْهَدُ له: قَولُ أَنَسٍ رضي الله عنه: عَطَسَ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا، وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ. فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! شَمَّتَّ هَذَا، وَلَمْ تُشَمِّتْنِي؟ قَالَ: «إِنَّ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ، وَلَمْ تَحْمَدِ اللَّهَ» (رواه البخاري). وقد عَلَّمَنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم صِفَةَ التَّشْمِيتِ، وصِفَةَ الرَّدِّ؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ: الحَمْدُ لِلَّهِ. وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَإِذَا قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ؛ فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ، وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ» (رواه البخاري). الحقُّ الخامس: تَعُودُه إذا مَرِضَ؛ ويتأكَّد هذا الحَقُّ إذا كان المَرِيضُ من ذَوِي الأرحام، أو كان جاراً. واللهُ تعالى يُعاتِبُ عبدَه يوم القيامة على تَرْكِهِ لِعِيادَةِ المَرِيض؛ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ - يَوْمَ القِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ! مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي. قَالَ: يَا رَبِّ! كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ؟! قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلاَنًا مَرِضَ؛ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ؛ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ» (رواه مسلم). وفي عِيادَةِ المَرِيضِ أَجْرٌ عَظِيمٌ، وثوابٌ كَبِير؛ ومِمَّا جاء في فَضْلِ عِيادَةِ المريض وثوابِها؛ أنَّ العائِدَ ما يزال يَجْنِي من ثِمارِ الجَنَّةِ ونعيمِها حتى يَرْجِع؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَادَ مَرِيضًا؛ لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الجَنَّةِ». قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَا خُرْفَةُ الجَنَّةِ؟ قَالَ: «جَنَاهَا» (رواه مسلم). وعائِدُ المَرِيضِ تُصَلِّي عليه الملائكةُ وتَسْتغفِرُ له؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إِلاَّ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إِلاَّ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ» صحيح - رواه الترمذي. وفي روايةٍ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَعُودُ مَرِيضًا مُمْسِيًا إِلاَّ خَرَجَ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يُصْبِحَ» (صحيح موقوف - رواه أبو داود). ويدعو له أَهْلُ السَّماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ؛ نَادَاهُ مُنَادٍ: أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ، وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الجَنَّةِ مَنْزِلاً» (حسن - رواه الترمذي). الحقُّ السَّادس: تَتْبَعُ جَنازَتَه إذا مَاتَ؛ ومن فوائِد ذلك: أنْ يَعْلَمَ المرءُ مِقدارَ ضَعْفِه، ويتذكَّرَ مَصِيرَه ومآلَه، فيستعد لذلك بالتَّزَوُّدِ من الصَّالحات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «عُودُوا المَرْضَى، وَاتَّبِعُوا الجَنَائِزَ؛ تُذَكِّرُكُمْ الآخِرَةَ» حسن - رواه أحمد والبزار. ويقولُ جِبْرِيلُ عليه السلام: «يَا مُحَمَّدُ! عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ» حسن – رواه الحاكم والبيهقي. فاليومَ يُصَلَّى على أخيه، وغدًا يُصَلَّى عليه؛ لأنَّ الموتَ حَقٌّ على الجَمِيع، وإنما هي آجَالٌ، قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [الأنبياء: 35]. ويَتَذَكَّر – وهو يَحْمِلُ أخاه على عُنُقِه – أنه سَيُحْمَلُ غدًا على الأعناق إلى المقابر مَهْمَا طال به العُمُرُ، وعلا به المَنْصِبُ، فلا بُدَّ من الخروج من هذه الدنيا. كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وَإِنْ طَالَتْ سَلَامَتُهُ *** يَوْمًا عَلَى آلَةٍ حَدْبَاءَ مَحْمُولُ ويَتَذَكَّر – وهو يَدْفِنُ أخاه في القَبْر – أنه غدًا سَيُدْفَنُ في هذا المكان، وأنَّ القَبْرَ أوَّلُ مَنازِلِ الآخرة، فإنْ كان خيرًا فما بَعْدَه خَير، وإنْ كان شرًّا فما بَعْدَه شرٌّ؛ يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا وُضِعَتِ الجِنَازَةُ فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ؛ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ: قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ لأَهْلِهَا: يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا! يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلاَّ الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَ الإِنْسَانُ لَصَعِقَ» (رواه البخاري). ومع ذلك نرى كثيرًا من الناس يُصَلُّون على الجِنَازَةَ، ويَذْهَبون إلى المقابر، ولا يَتَذَكَّرون، ولا يَتَّعِظون!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأمانة فضيلة من أشرف الفضائل،

  الأمانة منذ 2024-09-23 الأمانة فضيلة من أشرف الفضائل، والعمل بها شرف وكرامة وتقوى وصلاح، وإيمان خالص لرب العالمين، ورحمة بالخلا...